أوشتن

كقمة أوشتن القفقاسية هذه المدونة, حرة تلامس السماء..بيضاء كقلوب مدونيها

السبت، 5 يونيو 2010

الهوية .. الانتماء ... و العودة .

في حوارات كثيرة مع عدد من أصدقائي الفلسطينيين بعد اوسلو , كنا نأتي مراراً على سؤال : هل ستعودون الى فلسطين اذا أتيح لكم ذلك؟
و جاء الجواب من اكثر من شخص فيهم أنه ربما لا يعود, منهم من سيبقى في سورية فقد أصبحت وطنه و استقر فيها و اشترى منزلاً و الحال والعمل معقول و مقبول , و منهم من عبر و بصراحة أنه من الأفضل تعويضنا عن الأرض بمبلغ مالي و نحن نختار الاستقرار في أي مكان نريده في العالم , و هناك بطبيعة الحال من لازال يحلم و يفكر بالعودة و لازال محتفظاً بارث جده المفتاح و حجة الأرض و الدار ...
كلهم فلسطينيون و عدد منهم يعمل ضمن منظمات و أحزاب سياسية و الجميع يناضل و يطالب بحق العودة ولكن ليس بالضرورة الجميع سيعود ... هذا أولاً و أخيراً حق لا يمكن أن نسلبه من أحد , حرية الخيار : أن أعود أو لا أعود ...
الذي أعاد هذا المشهد الى الذاكرة موقف بعض شراكستنا و ربما هي نسبة كبيرة أيضاً من مسألة العودة ...
من المفروض و منطقياً أن يكون حق عودة الشراكسة الى وطنهم التاريخي مطلب انساني عادل لا يختلف حوله أي من البشر المؤمنين بالقضايا الانسانية العادلة و المدافعين عنها, و هو حق من المفترض أن يؤيده أو يدعمه أو على أسوأ تقدير لا يعرقله الشراكسة أنفسهم أصحاب القضية الأساسيين , سواء أكانوا سيعودون أم لن يعودوا ..
ان اختيار الهوية و الانتماء و أولويات الانتماء هي أمور شخصية و حرية لكل فرد , فالشركسي الذي اختار انتماءه للوطن الذي يعيش فيه حالياً و لشركسيته لا يقل شركسية عن ذلك الذي اختار العودة الى الوطن الأم , لكل وجهة نظره و رؤيته الخاصة للأمور , و لا يملك أحد فينا حق منح صكوك الأديغاغه و الانتماء أو تجريدها من أحد ...
لكن المثير للدهشة فعلاً ما يقوم به بعض الشراكسة من معاداة واضحة وصريحة لمسألة العودة و التهميش و التسخيف لفكرة اعتبار الوطن التاريخي و طناً ممكناً للشراكسة الشتات !
في هذا التيار نجد طيفاً واسعاً من المعتقدات و الأفكار و الايديولوجيات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار و التي تتفق جميعاً على تقزيم فكرة العودة لا بل محاربتها و لو بشكل صامت أحياناً ...
اذا كنت لن اعود لا بأس هذا حقي , لكن لمَ أحارب العودة و العائدين والذين يفكرون بها ؟؟؟ ما هو التفسير والتحليل النفسي لهذه الظاهرة ؟؟
أعرف شخصاً شركسياً عمل و بجهد و نشاط كبيرين في فترة الثمانينات لتسهيل عودة العديد من العائلات الشركسية و دعمهم و مؤازرتهم, هذا الشخص كان يصرح و علناً أنه لن يعود لأنه اختار سورية وطناً له , لكنه مستعد لعمل كل ما يمكن للمساعدة في عودة من يرغب لوطنه التاريخي ...
في المقابل تجد من يتخذ من صفحات النت منبراً للتهجم على دعاة العودة بل تصل به الأمور احياناً الى درجة اتهامهم بمحاولة اقتلاع الشراكسة من أوطانهم الحالية و ايهامهم بوجود وطن آخر لهم , كما فعلت احدى السيدات الشركسيات من سورية و التي لم تتعب من بث مثل هذه الترهات في كل مكان حتى على صفحات المواقع المختلفة معها فكرياً و أيديولوجياً , و منذ حين قرات أنها تتوعد بالصمود و التصدي لكل هؤلاء المتآمرين دعاة العودة لمحاربتهم و الوقوف في وجه مخططاتهم في اعادة الشراكسة لوطنهم التاريخي !!!!
مشهد يحتاج فعلاً لمحلل نفسي ....
منذ عقدين عندما كانت احدى قريباتي تكمل استعداداتها النهائية للعودة مع زوجها و أولادها , وجهت لها اختها انذاراً ان عدت الى قفقاسيا لست أختي و لا أعرفك !!!
لم تفعل ذلك مع أخت أخرى لها هاجرت الى أقاصي الدنيا ما وراء البحار , و لم توجه انذارها هذا الى ابنها عندما قرر الهجرة الى أوربا ....
هل هناك عقدة نفسية ترسخت لدى هذا الشعب من الأرض الأم قفقاسيا؟؟؟
نحن بحاجة فعلاً لمحلل نفسي لهذه الظاهرة ...
وللحديث بقية ..